مجموعةأرض
رؤية مستقبلية

إدارة مخاطر الصواعق في قطاع طاقة الرياح في المملكة العربية السعودية

يونيو 25, 2025
https://ard-corporate-assets.s3.eu-central-003.backblazeb2.com/Arabic_Cover_45ae74af6d.png

دان سلفرمان

مقدمة

 

ضربات الصواعق الرعدية في منطقتَي عسير وجازان جنوب غرب المملكة العربية السعودية تُشكّل تهديدًا متزايدًا لطموحات المملكة في التوسع بمجال طاقة الرياح، ومع سعي رؤية السعودية 2030 لتحقيق قدرة إنتاجية تصل إلى 40 جيجاواط من طاقة الرياح بحلول عام 2030، إلى جانب التوجه الوطني نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتغطية 50% من احتياجات الكهرباء، فإن كل ضربة رعد يتم تجنبها تساهم في الحفاظ على ميجاواطات من الطاقة الوطنية وتفادي ملايين الريالات من الخسائر[1]. غير ذلك، وتيرة إنتاج المملكة من طاقة الرياح سوف تستمر في النمو حتى بعد 2030، إذ تشير بيانات جلوبال داتا إلى أن طاقة الرياح البرية في السعودية ستزداد بمعدل نمو سنوي مركب 22% خلال الفترة من 2023 إلى 2035،[2] لذا فإن إدارة مخاطر الصواعق لم تعد خيارًا، بل أصبحت ضرورة لضمان استدامة وجدوى مشاريع طاقة الرياح في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

القدرة الإنتاجية التاريخية والمتوقعة لطاقة الرياح 2015-2035

في هذا المقال نسلّط الضوء على التحدي الكبير الذي تفرضه مخاطر الصواعق على خطط التوسع الطموحة في مشاريع طاقة الرياح في المنطقة. كما سنستعرض كيف يمكن للمعنيين في قطاع الطاقة المتجددة وصنّاع القرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مواجهة هذا التهديد من خلال حماية الاستثمارات وتحقيق أقصى قدر من الجاهزية التشغيلية وضمان التوافق مع الأهداف الوطنية للمناخ، ولتحقيق ذلك سنتناول المحاور التالية:

تكلفة الصاعقة الرعدية

كيف تؤثر الصواعق على توافر التوربينات؟

النقاط الساخنة للصواعق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

أين تتعرض مزارع الرياح للخطر؟

أفضل أساليب الحماية

المعدات والاستراتيجيات التشغيلية

1. تكلفة الصواعق الرعدية: كيف تؤثر الصواعق على توافر التوربينات

 

ماذا يحدث عند تعرض توربينات الرياح لضربات الصواعق؟ توربينات الرياح من منظور الصواعق الرعدية هي للأسف أهداف متعددة يسهل إصابتها، فسواء شفراتها الدوّارة أو أبراجها الفولاذية العالية أو حتى أنظمتها الإلكترونية داخل علبة التوربين، جميعهم معرّضين لخطر الإصابة المباشرة أو غير المباشرة.

 

الضرر المباشر وغير المباشر

 

  • غالبًا ما تصيب الضربات المباشرة أطراف الشفرات أو العلبة العلوية للتوربين، مسببة جهد كهربائي عالي قد يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 30,000 درجة مئوية، ما يؤدي إلى اختراق المواد المركبة وانصهار المواد اللاصقة وتحطيم طبقات الألياف الزجاجية.[3]
  • أما التأثيرات غير المباشرة فتنشأ عن ضربات أرضية تولّد موجات جهد عابرة في الدوائر الإلكترونية للتحكم، مما يؤدي إلى خلل في المستشعرات وأنظمة المراقبة والتحكم (المعروفة بـ SCADA) ووسائل الاتصال.

ولا تقتصر المشكلة على الضربات القوية والواضحة فقط. فالضربات الأصغر والمتكررة قد تُسبب تدهورًا هيكليًا خفيًا مع مرور الوقت، مما يقلل من العمر التصميمي للتوربينات، والأهم من ذلك هو أن عمّال الصيانة قد يتعرضون لمخاطر سلامة مرتفعة عند التعامل مع توربينات تعرّضت للضرب ولكن لم يتم فحصها أو إصلاحها بالشكل المناسب بعد.

 

الآثار المالية

 

لا تقتصر مخاطر الصواعق بالطبع على الأصول نفسها أو فرق الصيانة التي تتولى العمل عليها، بل تمتد أيضًا إلى آثار مالية جسيمة، فالتكاليف الناتجة عن التوقف المفاجئ يمكن أن تكون باهظة، ليس فقط بسبب عمليات الفحص والإصلاح واستبدال الأجزاء المتضررة، بل أيضًا بسبب خسارة الإنتاج، وهو ما يؤثر مباشرة على الأداء المالي لمشروعات طاقة الرياح. فعلى سبيل المثال، هل تعلم أن:

 

  • الصواعق هي السبب الأول للأعطال المفاجئة، وتشكل أكثر المطالبات التأمينية شيوعًا بين مالكي مزارع الرياح المتخصصة في صناعة طاقة الرياح وفقًا لهيئة الاعتماد العالمية DNV؟[4]
  • رغم أن بين 1 و3% من ضربات الصواعق فقط تكون ضارة، إلا أنها تكلّف الصناعة عالميًا أكثر من 100 مليون دولار سنويًا، وتشكل 60% من خسائر الشفرات وقرابة 20% من حالات التوقف التشغيلية؟[5]
  • قد تخسر بعض مزارع الرياح الواقعة في مناطق عاصفة في الولايات المتحدة ما يصل إلى 85% من جاهزيتها خلال السنة الأولى فقط نتيجة أضرار الصواعق المبكرة، وهو ما يؤكد أهمية تقليل الأعطال المفاجئة.[6]

 

المعدل التقديري لتكرار الضربات

 

من الواضح أن أضرار الصواعق تمثل خطرًا جديًا، لكن ما مدى تكرارها فعليًا؟

يمكن لتوربين رياح ارتفاعه 100 متر في منطقة متوسطة التعرض للصواعق أن يتعرض لما يصل إلى 10 صعقات سنويًا، وتزداد هذه المعدلات في ممرات العواصف المرتفعة مثل تلك الموجودة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.[7] فبالنسبة لمزرعة رياح بها 100 توربين، قد يعني ذلك سنويًا وقوع عشرات الحوادث يتطلب العديد منها عمليات فحص أو صيانة أو حتى استبدال بعض القطع.[7]

ما يزيد الأمر خطورة هو أنه وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، وُجد أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية يؤدي إلى زيادة تكرار الصواعق بنسبة 12% [8] ، ما يعني أن خطر الصواعق سيتزايد مع استمرار تغيّر المناخ، مما يوجب على قطاع طاقة الرياح مواجهته بجدية متنامية.

2. المواقع الأكثر عرضة لخطر الصواعق بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا

 

فعليًا، ما هي وتيرة ضربات الصواعق الرعدية على مزارع الرياح في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ بعض مناطق السعودية مثل عسير وجازان التي تحتضن بعضًا من أفضل موارد الرياح في المملكة أيضًا من أكثر المناطق تعرّضًا لضربات الصواعق، مما يضع مشاريع طاقة الرياح أمام معادلة صعبة.
هذا التباين في معدلات تكرار الصواعق على المستوى الوطني والمحلي يسمى "كثافة الصواعق"، وهو يقيس عدد الحوادث في كل كيلومتر مربع. وعلى الرغم من أن متوسط كثافة الصواعق في السعودية يبلغ 2.05 حدثًا لكل كم²، إلا أن الكثافات المحلية في جنوب غرب المملكة، وخصوصًا في عسير وجازان، تتجاوز 100 حدث/كم² — ما يجعل من هذه المناطق الجبلية نقاطًا ساخنة للصواعق.[9]
ضربات الصواعق بالتالي تشكل خطرًا تشغيليًا رئيسيًا لمشاريع طاقة الرياح في جنوب غرب المملكة.[10]
وعلى نحو مماثل، تواجه مرتفعات اليمن وغرب المغرب وجبال الأطلس التلي في الجزائر التحدي ذاته، حيث تتقاطع فيها الموارد الهوائية القوية مع معدلات عالية من الصواعق، مما يشكّل 
تهديدًا حقيقيًا لمشروعات الرياح في هذه المواقع.[9][10]

المصدر: إحصائيات الصواعق العالمية فايسالا 2021 [11]

البيئات الصحراوية: أهمية العواصف الصحراوية

 

حتى في المناطق التي تقلّ فيها معدلات ضربات الصواعق، يمكن أن تتعرض البيئات الصحراوية الجافة لعواصف رعدية تصاحبها صواعق جافة (أي دون هطول مطري) في الأجواء المحمّلة بالغبار، وهذه التركيبة تحديدًا قد تؤدي إلى زيادة احتمالية نشوب حرائق وحدوث أعطال كهربائية نتيجة لارتفاع الجهد المفاجئ. 

 

[12] أبراج التوربينات غالبًا ما تكون أطول المنشآت الصناعية في الأفق، مما يحولها بطبيعة الحال لأبراج امتصاص للصواعق الرعدية، حتى في المناطق ذات معدلات التكرار المنخفضة نسبيًا للصواعق.

3. أفضل أساليب الحماية: المعدات والاستراتيجيات التشغيلية

 

لقد رأينا كيف يمكن أن تتسبب الصواعق بأضرار جسيمة للبنية التحتية لمزارع الرياح، وبأن تكرارها كافٍ لاعتبارها خطر لا يمكن تجاهله، فما هي الإجراءات التي يمكن لمشغّلي مزارع الرياح اتخاذها للتقليل من المخاطر؟
فيما يلي أبرز الممارسات المُوصى بها: [13]

 

الوقاية

 

أنظمة LPS للحماية من الصواعق

  • استخدام مستقبلات على الشفرات وعلبة التوربين وموصلات كهربائية لنقل التيار بأمان إلى قاعدة البرج وأقطاب تأريض فعّالة وفق معايير IEC 62305
  • اعتماد التصميم وفق المعيار IEC 61400-24 لضمان الكفاءة [4] 

 

أجهزة الحماية من ارتفاع الجهد

  • تُركّب على جميع كابلات الطاقة والبيانات لامتصاص الارتفاعات الحادة القصيرة المفاجئة في الجهد الكهربي

 

التوائم الرقمية والمحاكاة

  • نمذجة سيناريوهات التأثير على الطاقة المنتَجة
  • جدولة الصيانة الوقائية استباقيًا

 

اختيار الموقع وتخطيط التوزيع

  • تحديد دقيق لمواقع التوربينات لتجنّب التضاريس العالية أو أنواع معينة من الصخور أو المسطحات المائية
  • توزيع المسافات بين التوربينات لتقليل احتمال تأثر أكثر من توربين بنفس الضربة

 

الجاهزية

 

عمليات الفحص والصيانة الاستباقية

  • مراقبة حالة الشفرات (بصريًا وباستخدام الطائرات بدون طيار وصوتيًا)
  • عدّادات تسجيل ضربات الصواعق وبرمجيات الإنذار المبكر

 

المراقبة الجوية والإنذار المبكر

  • تكامل مع خرائط الصواعق في الزمن الحقيقي
  • تفعيل بروتوكولات إيقاف التشغيل التلقائي عند تجاوز مستويات الخطر

 

إجراءات التشغيل المعيارية

  • تنسيق عمليات الإيقاف والفحص وإرسال فرق الصيانة
  • قوائم تحقق للسلامة تتوافق مع أنظمة العمل المحلية

 

الاستعداد من جانب المورّدين وسلسلة التوريد

  • اتفاقيات مسبقة لتوريد قطع الغيار
  • إنشاء مراكز صيانة إقليمية لتقليل زمن النقل والاستجابة

 

الاستجابة

 

التأمين والتمويل

  • تقييمات مخاطر مفصلة للتفاوض على خفض أقساط التأمين
  • تغطية تأمينية شاملة تشمل المعدات وأوقات التوقف وخسائر الإيرادات

قـــرار: منصة أمان مناخي لمواجهة مخاطر الصواعق

 

من الواضح أن مزارع الرياح بحاجة إلى اعتماد مجموعة متكاملة من التقنيات والإجراءات لإدارة أخطار الصواعق، ولكن كيف يمكن دمج الأجهزة الفعلية مع إجراءات التشغيل بشكل منسّق وذكي لمواكبة المخاطر المتغيرة والتعامل معها بفعالية؟ هنا يأتي دور قـــرار، وهي منصة أمان مناخي مدعومة بالذكاء الاصطناعي ومقدمة من مجموعة أرض، حيث تعمل قـــرار على دمج معلومات الطقس وبيانات الأصول وإجراءات التشغيل الموحدة في حل موحد.
 

القدرات الأساسية

لمنصة قرار

التوائم الرقمية والمحاكاة

  • نمذجة سيناريوهات مخصصة لكل موقع باستخدام واجهة توأم رقمي.
  • تحليلات بالذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر المناخية والتشغيلية.
     

إدارة إجراءات التشغيل الموحدة

  • مستودع مركزي لجميع إجراءات التشغيل
  • دعم متعدد اللغات، بما في ذلك اللغة العربية، لتسهيل التنفيذ بالشرق الأوسط

الإشعارات والتنبيهات

  • تنبيهات لحظية قابلة للتخصيص عبر الرسائل النصية والبريد الإلكتروني وإشعارات الجوال وسطح المكتب
  • تكامل سلس مع مصادر البيانات الخارجية وأدوات التشغيل الأخرى
     

لوحات تحكم قابلة للتخصيص

  • عدد غير محدود من لوحات البيانات ومؤشرات الأداء المصممة حسب احتياجات المستخدم
  • مراقبة مباشرة لحالة الأصول والأحداث ومؤشرات الأداء

 إدارة المورّدين وأتمتة المهام

  • الربط مع أكثر من 1,000 أداة خارجية لإدارة الحوادث والعمليات
  • إنشاء تلقائي لأوامر العمل ومهام المتابعة وتوزيعها على الفرق المختصة
     

مثال: مزرعة رياح برّية في مرتفعات عسير

 

 لنأخذ مثلًا مزرعة رياح برّية تقع في منطقة عسير الغنية بموارد الرياح والمعرضة بشدة لضربات الصواعق. عند اقتراب عاصفة رعدية صيفية، كما تشير بيانات الطقس المدمجة في المنصة، سيقوم محرك التنبيهات في منصة قـــرار بإرسال تنبيهات فورية عبر التطبيق أو الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني إلى فرق العمل الميدانية، وفي نفس الوقت:

 

  • تفعيل قائمة المهام المرتبطة بإجراءات التشغيل القياسية لتوجّه الفرق الميدانية خطوة بخطوة عبر مهام مثل وضع الشفرات في وضع الأمان وفحص التأريض والتأكد من سلامة مانعات الصواعق.
  • إنشاء أوامر العمل تلقائيًا ضمن نظام إدارة المهام وتوزيعها على مزوّدي الخدمة المعتمدين.
  • بدء إجراءات تأمين قطع الغيار اللازمة لأجهزة الحماية من الارتفاعات المفاجئة في الجهد ومكوّنات مانعات الصواعق.
  • تحديث لوحات المتابعة اللحظية لعرض حالة التنبيه ومتابعة تنفيذ المهام ورصد مؤشرات الأداء بعد العاصفة.

هذا التسلسل — من الإشعار إلى تنفيذ الإجراءات إلى أتمتة المهام ثم المتابعة الفورية — يمكّن منصة قـــرار من دمج بيانات الطقس مع إجراءات التشغيل وإدارة المورّدين ولوحات التحكم المخصصة، وذلك للحفاظ على سلامة واستمرارية تشغيل مشاريع الرياح البرّية في المناطق المعرضة للصواعق.

هذه الجاهزية الشاملة تجسّد كيف تحوّل منصة قـــرار بيانات الطقس والأصول من مجرد معلومات إلى إجراءات عملية تعزّز القدرة على الصمود، وهو أمر بالغ الأهمية لنجاح مشاريع الطاقة المتجددة في بيئات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا القاسية.

الخاتمة

 

بينما تمضي المملكة العربية السعودية بخطى متسارعة نحو تحقيق هدف الوصول إلى 40 جيجاواط من طاقة الرياح بحلول عام 2030، يتضح أن الصواعق وما تسببه من مخاطر كبيرة تمثل تحديًا لا بد من التعامل معه بشكل استباقي.
لحسن الحظ، تمتلك الصناعة اليوم العديد من الأدوات القادرة على مواجهة هذا التحدي، ومن خلال الجمع بين الوقاية والاستعداد والاستجابة السريعة تحت إدارة ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي عبر منصة قـــرار، يمكن للمتخصصين بمجال الطاقة المتجددة وصنّاع السياسات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حماية استثماراتهم في طاقة الرياح وتعزيز جاهزية التشغيل وتحقيق الأهداف الوطنية الطموحة في مجال المناخ.
وكما تقول مجموعة أرض: "المعرفة هي مفتاح الصمود". وفي هذه الصناعة الحاسمة، فإن الاستعداد المبني على البيانات هو ما يصنع الفرق بين خسائر العواصف وإنتاج كهرباء مستقر ومحصن ضد الظروف القاسية.
 

هل أنتم مستعدون لحماية استثماراتكم في طاقة الرياح؟

 

إذا كنتم تبحثون عن حل لإدارة المخاطر التشغيلية والبيئية المرتبطة بأصولكم في قطاع الطاقة، يمكنكم استكشاف منصة قـــرار اليوم أو التواصل مع فريقنا لمعرفة كيف يمكننا دعم استراتيجيتكم في إدارة المخاطر.

منصة قـــرار تجمع بين الذكاء الاصطناعي، وبيانات الأصول، وسير العمليات التشغيلية، وكل ذلك لحماية أصولكم في قطاع الطاقة وتعزيز جاهزيتها.