دان سلفرمان
ضربات الصواعق الرعدية في منطقتَي عسير وجازان جنوب غرب المملكة العربية السعودية تُشكّل تهديدًا متزايدًا لطموحات المملكة في التوسع بمجال طاقة الرياح، ومع سعي رؤية السعودية 2030 لتحقيق قدرة إنتاجية تصل إلى 40 جيجاواط من طاقة الرياح بحلول عام 2030، إلى جانب التوجه الوطني نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتغطية 50% من احتياجات الكهرباء، فإن كل ضربة رعد يتم تجنبها تساهم في الحفاظ على ميجاواطات من الطاقة الوطنية وتفادي ملايين الريالات من الخسائر[1]. غير ذلك، وتيرة إنتاج المملكة من طاقة الرياح سوف تستمر في النمو حتى بعد 2030، إذ تشير بيانات جلوبال داتا إلى أن طاقة الرياح البرية في السعودية ستزداد بمعدل نمو سنوي مركب 22% خلال الفترة من 2023 إلى 2035،[2] لذا فإن إدارة مخاطر الصواعق لم تعد خيارًا، بل أصبحت ضرورة لضمان استدامة وجدوى مشاريع طاقة الرياح في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
في هذا المقال نسلّط الضوء على التحدي الكبير الذي تفرضه مخاطر الصواعق على خطط التوسع الطموحة في مشاريع طاقة الرياح في المنطقة. كما سنستعرض كيف يمكن للمعنيين في قطاع الطاقة المتجددة وصنّاع القرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مواجهة هذا التهديد من خلال حماية الاستثمارات وتحقيق أقصى قدر من الجاهزية التشغيلية وضمان التوافق مع الأهداف الوطنية للمناخ، ولتحقيق ذلك سنتناول المحاور التالية:
كيف تؤثر الصواعق على توافر التوربينات؟
أين تتعرض مزارع الرياح للخطر؟
المعدات والاستراتيجيات التشغيلية
ماذا يحدث عند تعرض توربينات الرياح لضربات الصواعق؟ توربينات الرياح من منظور الصواعق الرعدية هي للأسف أهداف متعددة يسهل إصابتها، فسواء شفراتها الدوّارة أو أبراجها الفولاذية العالية أو حتى أنظمتها الإلكترونية داخل علبة التوربين، جميعهم معرّضين لخطر الإصابة المباشرة أو غير المباشرة.
ولا تقتصر المشكلة على الضربات القوية والواضحة فقط. فالضربات الأصغر والمتكررة قد تُسبب تدهورًا هيكليًا خفيًا مع مرور الوقت، مما يقلل من العمر التصميمي للتوربينات، والأهم من ذلك هو أن عمّال الصيانة قد يتعرضون لمخاطر سلامة مرتفعة عند التعامل مع توربينات تعرّضت للضرب ولكن لم يتم فحصها أو إصلاحها بالشكل المناسب بعد.
لا تقتصر مخاطر الصواعق بالطبع على الأصول نفسها أو فرق الصيانة التي تتولى العمل عليها، بل تمتد أيضًا إلى آثار مالية جسيمة، فالتكاليف الناتجة عن التوقف المفاجئ يمكن أن تكون باهظة، ليس فقط بسبب عمليات الفحص والإصلاح واستبدال الأجزاء المتضررة، بل أيضًا بسبب خسارة الإنتاج، وهو ما يؤثر مباشرة على الأداء المالي لمشروعات طاقة الرياح. فعلى سبيل المثال، هل تعلم أن:
من الواضح أن أضرار الصواعق تمثل خطرًا جديًا، لكن ما مدى تكرارها فعليًا؟
يمكن لتوربين رياح ارتفاعه 100 متر في منطقة متوسطة التعرض للصواعق أن يتعرض لما يصل إلى 10 صعقات سنويًا، وتزداد هذه المعدلات في ممرات العواصف المرتفعة مثل تلك الموجودة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.[7] فبالنسبة لمزرعة رياح بها 100 توربين، قد يعني ذلك سنويًا وقوع عشرات الحوادث يتطلب العديد منها عمليات فحص أو صيانة أو حتى استبدال بعض القطع.[7]
ما يزيد الأمر خطورة هو أنه وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، وُجد أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية يؤدي إلى زيادة تكرار الصواعق بنسبة 12% [8] ، ما يعني أن خطر الصواعق سيتزايد مع استمرار تغيّر المناخ، مما يوجب على قطاع طاقة الرياح مواجهته بجدية متنامية.
فعليًا، ما هي وتيرة ضربات الصواعق الرعدية على مزارع الرياح في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ بعض مناطق السعودية مثل عسير وجازان التي تحتضن بعضًا من أفضل موارد الرياح في المملكة أيضًا من أكثر المناطق تعرّضًا لضربات الصواعق، مما يضع مشاريع طاقة الرياح أمام معادلة صعبة.
هذا التباين في معدلات تكرار الصواعق على المستوى الوطني والمحلي يسمى "كثافة الصواعق"، وهو يقيس عدد الحوادث في كل كيلومتر مربع. وعلى الرغم من أن متوسط كثافة الصواعق في السعودية يبلغ 2.05 حدثًا لكل كم²، إلا أن الكثافات المحلية في جنوب غرب المملكة، وخصوصًا في عسير وجازان، تتجاوز 100 حدث/كم² — ما يجعل من هذه المناطق الجبلية نقاطًا ساخنة للصواعق.[9]
ضربات الصواعق بالتالي تشكل خطرًا تشغيليًا رئيسيًا لمشاريع طاقة الرياح في جنوب غرب المملكة.[10]
وعلى نحو مماثل، تواجه مرتفعات اليمن وغرب المغرب وجبال الأطلس التلي في الجزائر التحدي ذاته، حيث تتقاطع فيها الموارد الهوائية القوية مع معدلات عالية من الصواعق، مما يشكّل
تهديدًا حقيقيًا لمشروعات الرياح في هذه المواقع.[9][10]
المصدر: إحصائيات الصواعق العالمية فايسالا 2021 [11]
حتى في المناطق التي تقلّ فيها معدلات ضربات الصواعق، يمكن أن تتعرض البيئات الصحراوية الجافة لعواصف رعدية تصاحبها صواعق جافة (أي دون هطول مطري) في الأجواء المحمّلة بالغبار، وهذه التركيبة تحديدًا قد تؤدي إلى زيادة احتمالية نشوب حرائق وحدوث أعطال كهربائية نتيجة لارتفاع الجهد المفاجئ.
[12] أبراج التوربينات غالبًا ما تكون أطول المنشآت الصناعية في الأفق، مما يحولها بطبيعة الحال لأبراج امتصاص للصواعق الرعدية، حتى في المناطق ذات معدلات التكرار المنخفضة نسبيًا للصواعق.
لقد رأينا كيف يمكن أن تتسبب الصواعق بأضرار جسيمة للبنية التحتية لمزارع الرياح، وبأن تكرارها كافٍ لاعتبارها خطر لا يمكن تجاهله، فما هي الإجراءات التي يمكن لمشغّلي مزارع الرياح اتخاذها للتقليل من المخاطر؟
فيما يلي أبرز الممارسات المُوصى بها: [13]
من الواضح أن مزارع الرياح بحاجة إلى اعتماد مجموعة متكاملة من التقنيات والإجراءات لإدارة أخطار الصواعق، ولكن كيف يمكن دمج الأجهزة الفعلية مع إجراءات التشغيل بشكل منسّق وذكي لمواكبة المخاطر المتغيرة والتعامل معها بفعالية؟ هنا يأتي دور قـــرار، وهي منصة أمان مناخي مدعومة بالذكاء الاصطناعي ومقدمة من مجموعة أرض، حيث تعمل قـــرار على دمج معلومات الطقس وبيانات الأصول وإجراءات التشغيل الموحدة في حل موحد.
لنأخذ مثلًا مزرعة رياح برّية تقع في منطقة عسير الغنية بموارد الرياح والمعرضة بشدة لضربات الصواعق. عند اقتراب عاصفة رعدية صيفية، كما تشير بيانات الطقس المدمجة في المنصة، سيقوم محرك التنبيهات في منصة قـــرار بإرسال تنبيهات فورية عبر التطبيق أو الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني إلى فرق العمل الميدانية، وفي نفس الوقت:
هذا التسلسل — من الإشعار إلى تنفيذ الإجراءات إلى أتمتة المهام ثم المتابعة الفورية — يمكّن منصة قـــرار من دمج بيانات الطقس مع إجراءات التشغيل وإدارة المورّدين ولوحات التحكم المخصصة، وذلك للحفاظ على سلامة واستمرارية تشغيل مشاريع الرياح البرّية في المناطق المعرضة للصواعق.
هذه الجاهزية الشاملة تجسّد كيف تحوّل منصة قـــرار بيانات الطقس والأصول من مجرد معلومات إلى إجراءات عملية تعزّز القدرة على الصمود، وهو أمر بالغ الأهمية لنجاح مشاريع الطاقة المتجددة في بيئات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا القاسية.
بينما تمضي المملكة العربية السعودية بخطى متسارعة نحو تحقيق هدف الوصول إلى 40 جيجاواط من طاقة الرياح بحلول عام 2030، يتضح أن الصواعق وما تسببه من مخاطر كبيرة تمثل تحديًا لا بد من التعامل معه بشكل استباقي.
لحسن الحظ، تمتلك الصناعة اليوم العديد من الأدوات القادرة على مواجهة هذا التحدي، ومن خلال الجمع بين الوقاية والاستعداد والاستجابة السريعة تحت إدارة ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي عبر منصة قـــرار، يمكن للمتخصصين بمجال الطاقة المتجددة وصنّاع السياسات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حماية استثماراتهم في طاقة الرياح وتعزيز جاهزية التشغيل وتحقيق الأهداف الوطنية الطموحة في مجال المناخ.
وكما تقول مجموعة أرض: "المعرفة هي مفتاح الصمود". وفي هذه الصناعة الحاسمة، فإن الاستعداد المبني على البيانات هو ما يصنع الفرق بين خسائر العواصف وإنتاج كهرباء مستقر ومحصن ضد الظروف القاسية.
إذا كنتم تبحثون عن حل لإدارة المخاطر التشغيلية والبيئية المرتبطة بأصولكم في قطاع الطاقة، يمكنكم استكشاف منصة قـــرار اليوم أو التواصل مع فريقنا لمعرفة كيف يمكننا دعم استراتيجيتكم في إدارة المخاطر.
منصة قـــرار تجمع بين الذكاء الاصطناعي، وبيانات الأصول، وسير العمليات التشغيلية، وكل ذلك لحماية أصولكم في قطاع الطاقة وتعزيز جاهزيتها.
1. المبادرات السعودية في الطاقة المتجددة وتأثيراتها الجيوسياسية - مركز سياسات الطاقة العالمية بكلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا (CGEP) - 29 أكتوبر 2024
2. طاقة الرياح في المملكة العربية السعودية – 25 سبتمبر 2024
5. زيادة سلامة مزارع الرياح: رؤية حول مخاطر الصواعق - Xweather – 17 أبريل 2024
6. أهمية اختبار أنظمة الحماية من الصواعق في توربينات الرياح – 20 أغسطس 2018
7. دراسة حول تأثير الصواعق على التوربينات الهوائية، جالل د. وآخرون [erjsp.2014.17.25.pdf] 12 أغسطس 2014
8. كيف يمكن لمشغلي مزارع الرياح تقليل خطر الصواعق على توربينات الرياح | UL Solutions – 20 أبريل 2022
9. الصواعق الرعدية من 2016 لـ 2023 - فياسالا
11. إحصاءات الصواعق العالمية 2021
12. لماذا تُعد العواصف الرعدية الجافة خطرًا؟ | Weather.com – 6 يونيو 2023
13. حماية توربينات الرياح من الصواعق وفقًا لـIEC – 3 أبريل 2025